سياسة بايدن تجاه السعودية ومحددات أجنحة الحزب الديمقراطي

خاص بالمركز العربي للدراسات الأمريكية
بقلم: ياسر الغسلان
شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية خلال السنوات الأربع الأخيرة تغييرات يصفها المراقبون بأنها استثنائية، نتيجة اتخاذها أبعادا شخصية إيجابية من جانب وسلبية من جانب آخر أكثر من إعتمادها على العلاقة الاستراتيجية التقليدية، فعلى الجانب السلبي كانت هناك المواقف التي اتخذتها العديد من القوى السياسية الأمريكية تجاه الحكومة السعودية، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الحساسة وفق الرؤية الأمريكية من قبيل مقتل الصحفي جمال خاشقجي وحرب اليمن إضافة إلى ملف حقوق الإنسان و إرتفاع وتيرة الاعتقالات وملاحقة الأصوات المعارضة للسياسات الجديدة التي وضعتها السعودية منذ عام ٢٠١٥، بينما كان الجانب الشخصي الإيجابي يتمثل في العلاقة القوية التي جمعت الرئيس دونالد ترامب ومن خلفه مستشاره و زوج ابنته جاريد كوشنر بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي نتج عنها تقارب الموقفين في كل تلك القضايا، الأمر الذي أدى لاستقرار العلاقة بين البلدين على الرغم من حالة التوتر التي شهدتها وتشهدها المنطقة وسياساتها البينية.
العلاقة بين السعودية وأمريكا في عهد ترامب يمكن أن توصف بأنها علاقة تبادل المصالح المعتمدة بشكل رئيسي على اعتبار السعودية مصدر مهم لتحقيق الأهداف الاقتصادية التي وعد بها ترامب ناخبيه خصوصاً في جانب إنعاش الاقتصاد وسوق العمل من خلال تنمية مبيعات السلاح والعتاد العسكري وضخ الاستثمارات في الشركات الأمريكية، إضافة لضمان عدم تحفظ ووقوف السعودية ضد أي جهود لتطبيع العلاقات بين الدول العربية و إسرائيل والتي يراها مراقبون انها تهدف لبناء تحالف جديد يتكون من اتحاد عربي-إسرائيلي لمواجهة التهديد والخطر الإيراني في المنطقة، في حين كانت المصلحة وفق الرؤية السعودية هي أن يبقى ترامب تحت سيطرة الأهداف الإستراتيجية للسعودية في المنطقة التي تحقق مصلحتها، من خلال الدعم الكامل لما تقوم به في اليمن والوقوف بحزم تجاه أي تهديد محتمل من إيران، إضافة لتوفير الغطاء والحماية الرئاسية للسعودية من خصومها في أمريكا وخارجها فيما يتعلق بأي سياسات تتبناها أو مواقف تتخذها، وهو أمر تحقق لها بشكل كبير على الرغم من سياسات ترامب التي لم تكن بالحزم الذي أملته السعودية خصوصاً فيما يتعلق بتحجيم الدور الإيراني في المنطقة والذي لم يكن لانسحاب ترامب من الإتفاق النووي او قتل ”قاسم سليماني“ الأثر المأمول في شل حركة إيران في كل من اليمن و العراق ولبنان بالشكل المرضي للسعودية.
تحليل الحالة السياسية السعودية الأمريكية في عهد دونالد ترامب بحث مستقل، ولكن كان من المهم أن نقدم هذه التوطئة لفهم الواقع الذي سيتركه ترامب للرئيس القادم إذا ما إنتهى الصراع الإنتخابي بتثبيت جو بايدن رئيساً كما هو متوقع، وذلك لنحاول فهم اين ستتجه سياسة أمريكا في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن والتي ستشهد دون شك العديد من التعديلات، خصوصا في ملفات المواجهة مع إيران وواقع حقوق الإنسان في السعودية، إضافة للعلاقة مع إسرائيل، وهي كما يراها العديد من المراقبين الأمريكيين جوهرة تاج الإنجاز السياسي الممكن لواقع منطقة الشرق الأوسط، فدمج إسرائيل في محيطها الشرق أوسطي كان دائما الهدف الذي عمل على تحقيقه الحزبين الرئيسيين في أمريكا ومن خلفهم جميع الرؤساء الذين خدموا منذ تأسيس إسرائيل.
إدماج إسرائيل في محيطها الشرق أوسطي
الدور الذي بدأه ترامب من خلال تحويل العلاقة مع إسرائيل من حالة استثنائية تحققت في الماضي لدواعي خارجه عن الإجماع العربي، أصبحت اليوم القاعدة أو المسطرة التي بها تقاس العلاقة العربية الأمريكية، فالامارات التي تصدرت الدول المطبعة مؤخراً، أصبحت بهذا التطبيع دولة ينظر لها في أروقة القرار الأمريكي باعتبارها صانعة للسياسة وليست فقط تابعة كما كانت في الماضي، وهو واقع قد لا يناسب الدور التاريخي للسعودية في المنطقة، وعليه فإن إعادة السعودية باعتبارها الدولة الرئيسية في منطقة الخليج سيتطلب ربما دفع فاتورة العلاقة مع إسرائيل خصوصاً وأن السعودية كانت وستبقى دولة محورية ذات ثقل سياسي وديني وإقتصادي مهم ليس فقط على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم.
من منطلق السياسة ”البايدنية“ فإن على السعودية إتخاذ نفس قرار الإمارات والبحرين والسودان بالتطبيع مع إسرائيل كعربون حسن نوايا، والعمل مع إسرائيل على تنمية التعاون المشترك في مجالات الأعمال المختلفة خصوصاً في مجالات الزراعة والرعاية الصحية والمياة والتكنولوجيا، هذا التعاون المستهدف من شأنه أن يعطي دفعه إقتصادية وسياسية هائلة لكلا البلدين ويقلب بشكل فعال منظومة المقاطعة التي استمرت لعقود طويلة، وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية لهذه العلاقة بين البلدين إلا أن السعودية عليها أن تقف وحدها لمواجهة واحتواء السخط المتوقع وتعديل العلاقة مع الفلسطينيين، والذين كان للدعم السعودي لهم طيلة العقود الماضية سبباً مهماً لاستمرار قضيتهم بإعتبارها قضية دولية، إلا أنه من المرجح أن يختفي تدريجياً الدعم السعودي المالي للمنظومة الفلسطينية إلى جانب إعادة تشكل طبيعة الموقف السياسي الداعم لهم بطريقة تتماشى مع متغيرات المنطقة وأولوياتها.
هذا الهدف المهم في بناء علاقة إيجابية بين السعودية وإدارة بايدن يعد من أهم الأثمان التي سيعمل الرئيس المنتخب على تحقيقها في ظل الثقل الذي يشكله هذا الإتفاق المحتمل في إعادة الثقة الأمريكية من وجهة نظر الحزب الديمقراطي في الحكومة السعودية الحالية، فإن تحقق ذلك يمكن القول أن الموقف المتشدد من الأجنحة المعتدلة داخل الحزب الديمقراطي بإتجاه السعودية ستخف تدريجياً مع بقاء منغصات وقلاقل خطاب ومواقف الأجنحة التقدمية واليسارية داخل الحزب والتي ستستمر في الضغط على السعودية في الملفات الرئيسة الأخرى المتعلقة بالدور العسكري السعودي في المنطقة وتلك المتعلقة بحقوق الإنسان.
العلاقة مع إيران من المواجهة للاحتواء
لا يمكن النظر لقضية الحرب الدائرة في اليمن بمعزل عن حالة التوتر في المنطقة بين إيران وهي الدولة التوسعية التي تعمل على التمدد بشكل دائري لتحيط كالكماشة بالسعودية من كل إتجاه، وموقف سعودي ملتفت لهذه الحالة ومكتشف لخطورته منذ أكثر من عقدين، هذه الحالة نراها اليوم في حرب اليمن وفي الصراع السياسي للنفوذ في لبنان و دعم ومحاربة الحركات الشعبية في سوريا والبحرين إضافة لحالة التوجس والمناكفة السياسية في العراق.
اليمن هي الواجهة العملية لحالة الاحتقان السعودي الإيراني، والحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من خمسة أعوام لا يبدو أنها ستنتهي بمنتصر ومنهزم، فالحوثويون مثلهم مثل حزب الله والجماعات الطائفية في العراق وحكومة بشار الأسد، ما زالت واقفه في مواقعها تتحدى محيطها بفعل الدعم الإيراني الذي وعلى الرغم من موقف ترامب منها و مواجهة السعودية لها لا يبدو أنه اهتز بالشكل الذي يجعل الانقضاض عليها أمراً محتملاً، وعلى الرغم من أن جو بايدن لم يكن ليكون أقل رغبة من خلفه ترامب في مسألة تنمية مبيعات السلاح للسعودية، لما لذلك من مردود مالي واقتصادي على بلاده، إلا أن القوى التقدمية واليسارية بما في ذلك بعض المعتدلين يرون أن مد السعودية بالقوة اللازمة دون ضبط كما فعل ترامب سيسهم في إستمرار ما يصفونها بالحرب الهجمية في اليمن، نتيجة للكلفة البشرية التي يعانيها اليمنيون، وبالتالي فإنه لابد وفق رؤية هؤلاء أن يتوقف هذا الدعم المطلق، وهو موقف لا يتماشى مع توجهات السعودية التي ترى خطر اليمن اليوم بأنه تجاوز اليمن ذاتها على أساس أن الحوثيين المتحكمين على الأرض ليسوا إلا وكلاء للخصم الإيراني وأن واجبها وحقها هو في تلقين إيران درساً فيها، بحيث يتم حماية الحدود وإيقاف المد والتهديد الذي يأتي من البوابة الجنوبية للبلاد، وهي تخوفات لا يراها بادين بالضرورة بالمنطق السعودي خصوصا وأن الفلسفة الديمقراطية في مواجهة إيران ليست من خلال المواجهة العسكرية والحروب التقليدية بل من خلال الضغط السياسي والتفاوض المتوازن والاحتواء وإدماج الشركاء الدوليين في حل قضية يرون أنه لا يمكن التعاطي معها بمفهوم القوة وحدها، فإيران ليست وحدها في هذا الجانب بل تقف خلفها قوى عظمى كروسيا والتي لها مصالح متوازية في المنطقة مع المصالح الأمريكية، وبالتالي فإن الأزمة بين السعودية وإيران يراها بايدن على أنها مواجهة إستراتيجية لضبط القوى الدولية في المنطقة بالعموم بين روسيا وأمريكا وليس شأناً إقليميا فقط كما تراه السعودية.
بطبيعة الحال فإن الدور الذي يمكن أن تلعبه إسرائيل في علاقتها المحتملة مع السعودية إلى جانب علاقتها القائمة مع الإمارات، سيكون له تأثيرا رئيسيا في ضمان أن يكون التعاطي الاستراتيجي مع الحالة الإيرانية موقفاً موحداً و أقوى بتعاون جميع اللاعبين الرئيسيين في المنطقة وتحديداً السعودية الخصم العقائدي لإيران والإمارات الراغبة في إعادة جزرها المحتلة والراغبة في لعب دور سياسي أكبر في السياسة الإقليمية، إلى جانب إسرائيل القوة النووية التي لا تريد قوى نووية أخرى في المنطقة.
من هنا سنشهد عودة جادة من إدارة بايدن خلال السنة الثانية من رئاسته لملف الإتفاق النووي الإيراني ولكن بشروط مختلفة ستضع في عين الاعتبار التغيرات والتطورات التي شهدها موقف إيران بعد إنسحاب ترامب خصوصاً مع إتجاه إيران خلال تلك الفترة للعودة للعمل على مشاريعها النووية والتخلي تدريجياً عن التزاماتها الدولية، على الرغم من الدور الأوروبي الذي عمل على محاولة ابقاء إيران ملتزمة قدر إمكانيتها بتعهداتها، والواقع يقول من خلال تصريحات بايدن ومن خلال السياسات المعلنة للقوى المؤيدة للاتفاق داخل الحزب الديمقراطي، أن بايدن سيعود للاتفاق بشروط جديدة تضع في الاعتبار ما ذكرناه اعلاه، ولكن دون أن تكترث كثيراً بأي شروط قد تزيح المخاوف العربية كما كان عليه الحال عند توقيع الإتفاق ”الأوبامي”، فالموقف العربي اليوم لا يمكن له أن يتحقق إن كان له أمل التحقق بمعزل عن الموقف الإسرائيلي الذي سيصبح بفعل الظروف وكيلا لمصالح التحالف المناهض لإيران الذي سيعمل على محاولة التأثير وإدراج بعضاً من مخاوف الحلفاء الجدد ضمن الإتفاق، وعلى الرغم من أن ذلك يبقى إحتمالاً وارداً بحكم تشكل تكتل مصالح إقليمي إسرائيلي عربي، إلا أنه يبقى من المبكر الحكم إن كان هذا التكتل سيكون قادرا على التأثير على مخرجات الإتفاق ”البايدني” المحتمل في سياق التجربة السابقة مع الرئيس اوباما الذي واجه حينها نقداً وغضباً من جميع الدول التي تشكل اليوم هذا التكتل المحتمل، فعندما وقع أوباما الإتفاق النووي عام ٢٠١٥، لم يكترث للمخاوف والهواجس التي قد ينتج عنها إدماج إيران في المجتمع الدولي، دون وجود أي ضمانات تحمي المنطقة ”العرب و إسرائيل“ من ارتدادات إستمرار ذلك الإتفاق وما يمكن أن ينتجه من هيمنة إيرانية غير منظورة في الأمد البعيد.
الإنسان وحقوقه في نظام سياسي معدّل
يُتهم ترامب داخل أروقة السياسة الأمريكية في الجانب الديمقراطي إضافة لأصوات متعددة داخل الحزب الجمهوري، بالمساندة والتغطية على ما يصفونه بتجاوزات الحكومة السعودية الحالية في مجال حقوق الإنسان خصوصاً بعد تفجر قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول وما اعقب ذلك من مواقف واسعة على المستوى الأمريكي والدولي تجاه الدور المحتمل للحكومة السعودية في تنفيذ عملية القتل باعتبارها نهج جديد في مناهضة الأصوات المنتقدة للحكومة الحالية، وهو موقف زاد من تسليط الضوء على عمليات الملاحقة والاعتقال لعدد من الأصوات التي أبدت إما تحفظاتها على السياسات التي وضعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مجال الانفتاح الاجتماعي والاقتصادي، إلى جانب نهج ما يوصف أمريكياً بإحتكار ومركزية القوة داخل المملكة بعزل وتحييد كل القوى داخل العائلة السعودية الحاكمة بحيث أصبح الحاكم فيها مطلقاً بالكامل لفرد في نظام سياسي إتصف منذ نشأته بوجود نظام توازنات وضوابط مبتكر ينحصر في رؤوس العائلة الحاكمة التي عملت منذ تأسيس البلاد على تبني مواقف متوازنة ومنضبطة ومتماشية مع المصلحة العليا للعلاقة مع الولايات المتحدة، وهو أمر وفق الرأي السياسي الأمريكي اليوم لم يعد قائماً.
بايدن السياسي الديمقراطي المخضرم يأتي من خلفية ليبرالية تتعامل مع الحكومات والأنظمة الملكية والشمولية من منطلق التشكك الدائم، إلا أنها تتعامل معها في الوقت ذاته من منطلق المصلحة المتبادلة التي تخدم أمريكا في المقام الأول، والتركيز في السنوات الأخيرة تجاه السعودية في هذا الملف الحساس من جانب الحزب الديمقراطي لا ينطلق بالضرورة من منطلق المبدأ الفكري الليبرالي وحده الذي يرفض الحكم الأحادي بل من منطلق المصلحة السياسية، فالديمقراطيون يعملون على الترويج للأفكار الديمقراطية بشكل عام والمزايدة عليها والدفع تجاهها ليسهل لهم العمل في الدول التي ليس فيها رأس واحد قوي ومطلق، فذلك وفق رؤيتهم العملية أسهل في تحقيق أهدافهم، لان الخيارات أمامهم حينها ستكون متاحة من خلال دعم الطرف المؤيد لهم والعمل ضد الطرف المعطّل وتحييد أي مؤيد منقلب ودعم أي معارض يقبل ان ينضم للفلك الأمريكي، أو كما يعرف بمبدأ ”فرق تسد“، ووجود حاكم قوي واحد لن يتيح لهم اللعب في مستنقع السياسة داخل المملكة وفق الواقع الحالي أو في أي دولة أخرى يتصف حكمها بالمركزي المطلق، لذلك كان وسيكون خطابهم المتعلق بالنظام دائماً ناقداً ومعارضاً لأي محاولات لتثبيت السلطة الكاملة في يد رجل واحد، ومن هنا كان موقفهم المرتاب من ولي العهد السعودي الذي ينظر له على أنه الرجل القوي الذي سيحكم بقبضة من حديد مستقبل بلد غني يقع في قلب منطقة النفوذ الأمريكي.
ملف حقوق الإنسان سيكون رأس حربة الضغط اليساري و التقدمي داخل الحزب الديمقراطي على الحكومة السعودية من منطلق ضرورة إحداث إصلاحات في النظام السياسي داخل المملكة، من خلال أولاً الدفع بإطلاق سراح المعتقلين الذين يواجهون تهماً في غالبها وفق الرؤية الديمقراطية مسيّسة هدفها إسكات كل الأصوات المعارضة لتوجهات الحكومة، كما سيكون الدفع من خلال إدخال إصلاحات تضمن إتاحة حرية التعبير والعمل المدني والسياسي بمستوياته المختلفة وفق التعريف الغربي وضمان حقوق الأقلية المختلفة الطائفية منها والجندرية.
بايدن يأتي للرئاسة بفضل الدعم الذي لقاه من قبل القوى التقدمية واليسارية داخل حزبه، والسياسة المتعلقة بحقوق الإنسان هي الركيزة التي تعتمدها تلك الرؤية حيال السعودية، فحرب اليمن لها بعد يتعلق بحقوق الإنسان و السياسة الخارجية السعودية مع محيطها يعتمد وفق رؤيتهم رغبة السعودية وعملها على محاربة كل آمال الشعوب العربية نحو ديمقراطية في المنطقة إبتداء بالبحرين وليس إنتهاءاً بمصر و ليبيا.
ستشهد العلاقة في ظل رئاسة بايدن حالة من الفتور وربما التوتر خصوصاً في هذا الملف الحساس الذي يمس جانب تراه الحكومة السعودية أنه ضروري لضمان الاستقرار الداخلي من أي تدخلات خارجية أو قلاقل إجتماعية في وجه خطة التمدن و الانفتاح الاجتماعي، إلا أن بايدن و من خلفه لا يرون بالضرورة أن الانفتاح الاجتماعي يعني شيئا في حال غياب وجود حريات حقيقية على المستوى السياسي وإشراك القوى الاجتماعية والفكرية في عملية البناء الداخلي لنظام لابد أن يتحول مع الوقت من المركزية المطلقة لنظام قريب لما يمكن تعريفه بالملكية الدستورية.
بايدن يأتي ومعه ثلاثة ملفات رئيسة ستحدد العلاقة مع السعودية، كلما تحقق ملف زاد معدل التقارب وأمكن أن تحصل السعودية على الدعم المطلوب لتحقيق أهدافها كعنصر مشارك ومهم في بسط التوازن في المنطقة، هذه الملفات هي أولاً: لعب الدور المركزي في إنهاء ما يوصف بالصراع العربي الإسرائيلي، و ثانياً: الانضمام للمشروع الدولي لمواجهة إيران من خلال احتوائها لا من خلال مواجهتها، و ثالثاً: التحول إلى نظام سياسي يكفل الحريات والتمثيل السياسي وحقوق الإنسان وفق التعريف الدولي.