دراسات النظام السياسي

السعي للحريات والحقوق .. نموذجين من الواقع العملي

بقلم: ياسر الغسلان – خاص بالمركز العربي للدراسات الأمريكية

كلمة الحرية وتوصيفاتها المختلفة وتطبيقاتها العملية تشكل للكثيرين من الجاهلين بمعناها الحقيقي حالة تأزم نابعة في غالبها من الخوف من تلك التعابير التي تفسح المجال أمام الفرد في أن يكون القادر على إتخاذ قراره والتمتع بحقوقه في ظل أنظمة أو فكر جمعي لا يعي فوائد أن يعامل الفرد باعتباره مكون بذاته، بل يفضل الإستكانة نحو ما إعتاد عليه في اعتبار الفرد جزءاً هامشياً من نظام أبوي يتكون من مسِير وتابع، أو نظام فكري فيه المرشد وفيه الملتزم برأي من يرشده.

ومن هنا كان لزاماً عند الحديث عن الحرية بإعتبارها حق إنساني وقد قيل في الأثر وإن اختلفت الأراء حول  مصدر المقولة “متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟” أن نشير لبعض النماذج الحية لمعنى الحرية في تجلياتها المختلفة وفي سياقها التطبيقي في مجتمع نشأ في بدايته على الوصاية وفق البناء الهرمي للمجتمعات وتحول تدريجياً عبر مخاضات مجتمع أصبح الفرد اليوم هو عماده، حيث تنبع قوته من الاعتراف بالإختلاف بين مكوناته وبحقيقة أن اختلافه هذا هو منبع قوته لا منبع ضعفه، وأن الفرد الحر هو الأقدر على التأثير إيجاباً في مناحي الحياة المختلفة من خلال فسحة الإبداع والمشاركة والدفع نحو التغيير والإصلاح العائد فوائده للفرد وللجماعة التي تشكل محيطه.

سأتحدث هنا عن الحريات في النظام الأمريكي الذي يعد اليوم وإن كان لا يحظى بالضرورة بالكمال المنشود المثال الحي لتحول المجتمعات من مجتمع تابع عنصري تشوبه الأمراض الإجتماعية و النعرات العرقية والطائفية إلى مجتمع على الأقل من الناحية الدستورية أكثر قرباً لنظام وحدة وطنية يكون فيه الفرد عنصر بناء مشارك في تحمل المسئولية لا عنصر تابع منقاد لمصيره دون رأي أو قرار.

في النظام الأمريكي هناك ما يعرف بالحريات المدنية والتي مرت بتجاذبات وتقلبات وإنتصارات وهزائم عبر العقود المتتالية للمشروع الأمريكي السياسي الذي ما زال في طور البناء والإصلاح كما يحلو للمشتغلين في النظرية السياسية الأمريكية أن يصفوه، فالحريات المدنية هي الحقوق الدستورية والقانونية التي وضعت في الأساس من أجل أن تحمي الأفراد من الأعمال التعسفية للحكومة وذلك من خلال ضمانها حريات لا يمكن أن تهتز أو تتبدل أو تلغى أو تعدل وهي حرية التعبير وحرية الدين وحرية الإعلام والحق في المحاكمة العادلة.

فقد تم ضمان حرية الدين لكل فرد يعيش على الأراضي الأمريكية من خلال مواد التعديل الأول للدستور الصادر عام ١٧٩١ والذي وضع حدود لا يمكن تغييرها أو الحد منها لمناهضة هيمنة الكنيسة الحكومية، إلى جانب أنه يمنع تدخل  الحكومة في ممارسات الأفراد الدينية مهما كانت غريبة أو خارجة عن العرف و التقاليد الإجتماعية، مع الوضع في عين الإعتبار أهمية تطبيق الحرية وفق تعريفاتها الليبرالية حيث سمحت للحكومة أن تواجه التجمعات الدينية التي تقوم بأعمال عنف تخالف القانون الجنائي أو تهدد أمن المجتمعات، في حين أتت حرية التعبير وفق ذات التعديل لتكفل للفرد حق التعبير بما يؤمن به سياسياً وإجتماعياً ودينياً أو خلافه دون أن يكون للحكومة الحق في أن تفرض عليه رأي معيناً أو تمنعه من رأي معين ما دام ذلك الرأي في سياق عدم الدعوة للعنف المجرم قانوياً.

حرية الإعلام هي الأخرى مكفولة في النظام الأمريكي باعتبارها سلطة رابعة تراقب وتحاسب إجتماعياً عمل السلطات الحكومة بمكوناتها الثلاثة “تشريعية وتنفيذية وقضائية”، فالتعديل الأول هو الآخر ينص صراحة أن الكونغرس لا يحق له و لن يشرع أي قانون يحد من حرية الإعلام، كما يحمي الإعلام من أي محاولة للرقابة على ما تنشر أو تبثه او تنقله وسائل الإعلام خبراً كان أم رأي، إلى جانب التعديل الرابع عشر الذي يحمي هو الآخر حرية الإعلام من تدخل الحكومة الفيدرالية أو الحكومات المحلية، فقد حرص واضعوا الدستور عند وضعهم لهذه التعديلات على حماية الآراء التي لا تحظى بالقبول العام حتى لو كان رأياً خاطئاً، فالأراء المقبولة والشائعة والمتفق عليها من الأغلبية لا تحتاج لحماية من حكومة مسيطرة أو من نظام مسيس بتجاذباته يميناً ويساراً.

وقد يسأل أحدهم عن واقعية أن يكون الإعلام حراً بشكل مطلق دون أن يكون هناك قيود أو محددات تضبط عمله، وفي ذلك نقول أن القضاء المستقل هو المرجع الوحيد لتحديد وجود أي تجاوز يخالف القانون والذي تم تحديده في إحتمالات محدد بشكل واضح وهي القذف أو الفحش وفق ما يراه المجتمع فحشاً والتعابير الرمزية التي تدعو للعنف والكراهية كالصلبان المشتعلة بالنار وهي التي كانت تستخدمها جماعة “كو كلاكس كلان” المعادية للأمريكيين من أصل أفريقي لما في ترمزه من عنف وإثارة العداء العنصري ضد مكون من مكونات المجتمع الأمريكي.

من ضمن الحريات المدنية التي يكفلها النظام الأمريكي هي تلك المعنية بحماية المتهم وحقوقه، فالقاعدة الأساس في التعامل مع المتهم من قبل أجهزة الضبط والأمن هي قاعدة  “أرني الجسد Habeas Corpus” والتي يقصد بها “أمر الإحضار” وهو حق أساسي في الدستور الأمريكي يحمي الفرد من السجن غير القانوني وغير المحدود، بإستثناء الإعتقال في أوقات التمرد أو الغزو الأجنبي وضبط الأمن الشعبي في حال الطوارئ، و إن كان لا يتم تطبيقه إلا نادراً، فالدستور في هذا السياق يمنع الكونغرس من تمرير أي قرار أو تشريع يفسح المجال بمعاقبة الأفراد دون محاكمة عادلة، كما يمنع المشرع الفيدرالي والمحلي معاقبة أي فرد وفق قانون جديد بأثر رجعي.

إلى جانب حماية المتهم من السجن غير القانوني، يمنح الدستور الفرد حقوقاً في حمايته من التفتيش والمصادرة، فالتعديل الرابع عشر ينص بأن من حق الأفراد أن يكونوا بمأمن في أنفسهم وفي بيوتهم وفي أوراقهم وممتلكاتهم ضد التفتيش والمصادرة غير المعقول، كما يحق للمتهم وفق الدستور التمتع بمحامي، ففي تعديله السادس عشر ينص بأن المتهم سيتمتع بحق الحصول على مساعدة من قبل محامي من أجل الدفاع عنه.

الدستور الأمريكي في تعديله الخامس الذي يمنع إدانة النفس بالإجبار وبعدم إجبار أي متهم في أن يكون شاهداً على نفسه، صدر عام ١٩٦٦ حكم من المحكمة العليا أصبح قانون توضيحي يستند للتعديل المذكور يسمى قانون ميرندا يلزم رجل الأمن عند إلقاء القبض على أي متهم أن يقرأ عليه جملة “قاعدة ميرندا” التي مطلعها You have the right to remain silent “لك الحق في البقاء صامتاً”. 

في ما سبق كان حديثنا منصب على ما يعرف بالحريات المدنية، إلا أن تلك الحريات لا معنى لها إن لم تجد إنعكاساً عملياً في البناء الإجتماعي وفق مبدأ المساواة والعدالة بين مكونات المجتمع المختلفة، لذلك سنتحدث هنا عن ما يعرف بالحقوق المدنية والتي سنشرحها في نموذجي الأمريكيين من أصل أفريقي والنساء كيف تحولت أمريكا عبر العقود كما قلنا من نظام لا يعامل الجميع بذات المسطرة ولا يعتبر كل الرجال خلقوا متساويين كما قال أحد الأباء المؤسسين لأمريكا وهو “توماس جيفرسون” وهي المقولة التي اختلف حول مقصدها الأمريكيين لعقود طويلة، فما بين تفسير كلمة رجال بأنها تعني البشر بشكل عام وبين رأي من اعتبر الرجال هم الأمريكيين من أصول بيضاء من ملاك الأراضي ودافعي الضرائب كما كان معمولا به في بداية تأسيس الدولة الأمريكية.

عندما نتحدث عن الحقوق المدنية فإننا نعني بها السياسات المتعلقة بحماية الأفراد من ممارسات تعسف وتمييز الحكومة أو أفرادها، وهي السياسات التي أتت على شكل قوانين تتعلق بمناهضة العنصرية والتمييز الجندري، إلا أن فكرة المساواة التي أصبحت هي القاعدة المعمول بها اليوم لا تعني حتى اليوم في الذهنية الأمريكية خصوصاً السياسية منها المساواة الإقتصادية، فالمجتمع الرأسمالي والنظام المبني عليه في أمريكا يقوم على أساس الطبقية الإقتصادية التي يحاربها اليوم الجناح اليساري القريب من الفكر الإشتراكي الساعي نحو عدالة اقتصادية إلى جانب مكتسبات السنين في المساواة والعدالة العرقية و الجندرية.

من المهم الإشارة هنا إلى أن الدستور الأمريكي لم يذكر في أي من مواده كلمة “مساواة” و لكنه أشار في العديد من المواضع لما فسره فقهاء الدستور الأمريكي بأنه يعني ذلك، فالتعديل الرابع عشر يمنع الولايات من منع أي فرد من التمتع بالمساواة أمام القانون، وهو التعديل الذي لعب دوراً كبيراً في التاريخ الأمريكي في الصراع الفكري والتشريعي والمدني من أجل تحقيق الحقوق المدنية لجميع الأمريكيين.

نموذجنا الأول في الصراع من أجل المساواة هو ذلك الذي كانت مسارحه مطالب الأمريكيين من أصل أفريقي الساعين للحصول على حقوقهم الكاملة كمواطنين متساويين مع غيرهم والذي مر بالعديد من الإخفاقات والتحديات والتمييز العنصري عبر العقود إبتداء من ما يعرف بقرار “دريد سكوت” عام ١٨٥٧ وهو بإسم قاضي المحكمة العليا الذي شرح سبب صدور حكم محكمته ضد الأمريكيين من أصل أفريقي بقوله “أن الأمريكيين من أصل أفريقي ليسوا مواطنين وبالتالي لا يحق لهم تقديم عرائض للمحكمة العليا”.

بعد ذلك صدرت عدة تعديلات في الدستور الأمريكي عرفت بتعديلات “إعادة الإعمال” وهي التعديلات الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر الصادرة بين عامي ١٨٦٥ و ١٨٧٠ والتي أتت في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال والجنوب حول قضية تحرير العبيد وكجزء من تنفيذ إعادة إعمار 

الجنوب الأمريكي بعد الحرب الأهلية، حيث وسعت هذه التعديلات الحماية المدنية والقانونية للأشخاص المستعبدين السابقين الذين تم تحريرهم أيام الرئيس “ابراهام لينكولن” بطل الحرب الأهلية ومؤسس الحزب الجمهوري. 

ورغم أن هذه التعديلات كانت بداية مشجعة لإدماج الأمريكيين من أصل أمريكي في المجتمع كمواطنين أحرار كاملي الحقوق إلا أن القضايا والقوانين التي أتت بعد ذلك استمرت في عملية التمييز ضدهم والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية والغير جديرين بالحقوق الكاملة، فقد أيدت المحكمة العليا الدستورية عام ١٨٩٦ دستورية الفصل العنصري بموجب مبدأ “منفصل لكن متساوٍ” في القضية المعروفة بـ”بليسي ضد فيرجسون” والتي عدت بمثابة قرار تاريخي ووصمة عار للمحكمة العليا، ونتيجة لذلك توالت القرارات في التشريعات المعروفة بتشريعات Jim Crow التي قيدت الأمريكيين من أصل أفريقي، حيث أصبحت الأماكن العامة المنفصلة وفق العرق أمرًا شائعًا في المجتمع الأمريكي.

ومع أواسط الخمسينات من القرن العشرين وتحديداً في عام ١٩٥٤ أتت قضية “براون ضد مجلس التعليم” وفي قرار المحكمة العليا التاريخي الذي قضت بأن فصل الأطفال في المدارس العامة على أساس العرق أمر غير دستوري، وهو القرار الذي وضع نهاية عملية للفصل العنصري القانوني في المدارس وبالتالي إلغاء مبدأ “منفصل لكن متساوٍ” المنصوص في قضية “بليسي ضد فيرغسون” وما تلاه من تشريعات Jim Crow.

حراك المجتمع المدني للأمريكيين من أصل أفريقي وزعيمهم “مارتن لوثر كينغ” تمكنوا بعد ضغوطات سياسية وتحالفات حزبية وعمل مدني وشعبي كبير أن يدفعوا الرئيس “ليندن جونسون” عام ١٩٤٦ بإصدار قانون الحقوق المدنية الذي يحظر التمييز في الأماكن العامة وينص على دمج المدارس والمرافق العامة المختلفة بين الأعراق، ويجعل التمييز بالعموم والعرقي منه في بيئة العمل غير قانوني، ولذلك يعد هذا القانون أكثر تشريعات الحقوق المدنية شمولاً منذ تعديلات إعادة الإعمار.

إلا أن الأمريكيين من أصل أفريقي كان لهم جوالات أخرى من الصراع من أجل المساواة تمثلت بالسعي للحصول على حقوقهم السياسية الكاملة بعد أن تمنكوا من الحصول على حقوقهم الإجتماعية والمدنية، فقد واجه الأمريكيون من أصل أفريقي شروط منذ تأسيس النظام السياسي الأمريكي تحد من مشاركتهم في العمل السياسي كناخب كامل الأهلية، فقد أدت قوانين دفع ضرائب التصويت واختبارات القراءة والكتابة إلى إبعادهم من المشاركة في الانتخابات نظراًِ لوضعهم الإقتصادي المتردي وإنخفاض مستوى التعليم في أوساطهم بسبب التهميش والتمييز، ففي عام ١٩٦٠ مثلا كان فقط ٢٩٪ من الأمريكيين من أصول أفريقية من من كان يحق لهم حق التصويت كانوا بالفعل مسجلين في كشوفات التصويت، الأمر الذي دعى الكونغرس في عام ١٩٦٤ لإصدار التعديل الرابع والعشرون الذي بموجبه تم إلغاء شرط دفع ضريبة التصويت في الانتخابات الفيدرالية، كما أصدرت المحكمة العليا عام ١٩٦٦ حكماً بإلغاء دفع ضريبة

 التصويت في الانتخابات المحلية، إلى جانب قانون حق التصويت الصادر عام ١٩٦٥ الذي يمنع إختبارات القراءة والكتابة كشرط للمشاركة في التصويت، وشرع إلى جانب ذلك للإشراف الفيدرالي على إنتخابات المناطق المعروفة تاريخياً بممارسات الفصل العنصري.

إلا أن الأمريكيين من أصل أفريقي لم يكونوا الوحيدين الذين عانوا التهميش والتمييز ضدهم، فقد ناضلت المرأة هي الآخرى من أجل حصولها على حق المواطنة الكاملة، عبر العديد من المواجهات القانونية والتشريعية والتي سنوجز في ما يلي أهم محطاتها.

لم يكن للمرأة في البدء أي حقوق سياسية على الرغم من كونها كانت تعتبر مواطنة، إلا أنه في ذات الوقت كانت خاضعة لنظام هيمنة رجالية منعها من حقوقها مثل طلب الطلاق أو التوقيع على العقود أو التصرف بممتلكاتها، إلى جانب أنها منعت من التعليم أو من المضي في سوق العمل في العديد من المهن والأعمال التي كانت حكراً بأمر القانون على الرجال، ففي عام ١٨٧٣ حكمت المحكمة العليا بأن المرأة لا يحق لها العمل في السلك القانوني كمحامية بحجة أن دورها هو القيام بواجباتها كأم و زوجة.

وفي ظل هذا التمييز الذي لم يكن ليواجه بالسكوت من نساء مجتمع أصبح يتغير ويتحرك، قامت مجموعة من الناشطات على عقد اجتماع يومي ١٩-٢٠ من شهر يوليو من عام ١٨٤٨ عُقد في كنيسة ويسليان التابعة لبلدة سينيكا فولز في نيويورك لمناقشة الحالة الاجتماعية والمدنية والدينية وحقوق المرأة، وأصدر في نهايته أول اتفاقية لحقوق المرأة في تاريخ أمريكا عرفت باتفاقية “سينكيا فلوز”.

بعد إحباط النساء من كون التعديل ١٥ لم يكفل لهم حق التصويت رغم أنه ينص على ” عدم جواز حرمان أي مواطن من حق التصويت”، وبعد عمل منظم من قبل الناشطات المطالبات بحقوقهن الدستورية في المشاركة السياسية صدر عام ١٩٢٠ التعديل التاسع عشر الذي كفل للمرأة بنص صريح حق المشاركة في التصويت.

وبعد مرور العقود وحصول الأغلبية الأعم من المجتمع الأمريكي على حقوقهم المدنية والسياسية وبقاء الحريات المدنية محمية رغم كل ما مرت وتمر به أمريكا من تقلبات سياسية وتجاذبات فكرية، إلا أن الصراع من أجل المساواة مازال قائماً أما من خلال التشريعات التي تعمل على توسيع دائرة الحقوق لتشمل إفرازات المدنية من جهة أو من أجل معالجة تبعات عقود التهميش والتمييز رغم مرور عقود عليها و التي مازال المجتمع الأمريكي يواجهة أزمة إصلاحها بالشكل العادل.

وبناء على ذلك عاشت و تعيش أمريكا منذ بداية السبعينات رحلة التعديلات القانونية التي تهدف تجاوز الهوة التي خلفتها عقود التهميش والتمييز، فقد تم عام ١٩٧٢ تمرير ما يعرف بتعديلات الحقوق المتساوية التي تفرض الحقوق المتساوية للجميع أمام القانون وأنه لن يصدر اي تشريع من أي ولاية ينكر أو يختصر هذه الحقوق بناء على الجنس.

إلا أنه وحتى اليوم هناك جدل في الأوساط السياسية والإجتماعية بين اليمين واليسار حول النظر لهذه التعديلات والقوانين خصوصاً فيما يعرف بسياسات “التمييز الإيجابي” والتي اعتمدت مبدأ الأفضلية وبآليات إنعاش ملائمة في التعامل مع الأقليات، بحيث تهدف على إحداث حالة تمييز لصالح المجموعات المهمشة في مجالات التوظيف والتعليم والأعمال ومحاولة تفعيل التغيير من خلال وسائل مختلفة مثل اشتراط استيفاء جهات العمل على حصص معينة للأقليات والنساء عند التوظيف، أو التشجيع من خلال تقديم الدعم المالي في شكل منح دراسية، ورفض التمويل الحكومي والعقود للمؤسسات التي تفشل في تلبية المعايير المطلوبة.

إلا أن المنتقدون لسياسات “التمييز الإيجابي” يرون أن هذه السياسات تخلق حالة تميز معاكس ضد عرق الأغلبية، كما أنهم يرون أن القوانين يجب أن تمنح التساوي في الفرص وليس في النتائج.

اظهر المزيد

اترك تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: