العلاقات الدوليةدراسات النظام السياسي

هل تفتح انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 فصلًا جديدًا للتدخل الروسي؟

بقلم: أحمد السيد

تٌثير مسألة التدخل الروسي في انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2020 قلقًا كبيرًا على كافة مستويات الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية. وستختبر احتمالات حدوث مزيد من التدخل الأجنبي في انتخابات الرئاسة الأمريكية المٌقرر عقدها في الثالث من نوفمبر 2020 دفاعات الولايات المتحدة الأمريكية، فمع بدء العد التنازلي لتلك الانتخابات، واحتدام المنافسة بين كل من الرئيس الحالي ومٌرشح الحزب الجمهوري “دونالد ترامب”، ونائب الرئيس الأسبق ومٌرشح الحزب الديمقراطي “جو بادين” يُثار كثير من الجدل حول تأثير القرصنة الإلكترونية على الانتخابات الأمريكية بعد أن أكدت شركة “مايكروسوفت” أن قراصنة تربطهم علاقات مع روسيا والصين وإيران يحاولون التجسس على أشخاص وجماعات مٌشاركة في الانتخابات القادمة.

في السياق ذاته، أوضحت شركة “مايكروسوفت” أن المجموعة الروسية التي اخترقت انتخابات عام 2016 شنت مؤخرًا هجمات إلكترونية، إضافة إلى أن نشاط الجماعات الصينية والإيرانية ارتفع أيضًا من أجل استهداف حملتي “ترامب” ومنافسه الديمقراطي “جو بايدن”.

في هذا الصدد نحاول في السطور القادمة؛ إيضاح أبرز محاولات التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية السابقة، والطرق التي تستخدمها موسكو للتدخل، كما نستعرض الموقف الأمريكي من محاولات التدخل الخارجية، والاستعدادات المٌتخذة لحماية الانتخابات القادمة. 

محاولات التدخل الروسية السابقة

Hacker in a hood (photo credit: INGIMAGE)

ردًا على التدخل الروسي في انتخابات الولايات المتحدة الامريكية عام 2016 بين الرئيس الحالي “دونالد ترامب”، ومُرشحة الحزب الديمقراطي حينذاك “هيلاري كلينتون”؛ أجرى المدعى العام “روبرت مولر” تحقيقًا استمر عامين، وخلص التقرير النهائي إلى أن روسيا تدخلت بطريقة مُمنهجة في الانتخابات الأمريكية لصالح “دونالد ترامب” 

وفي يوليو 2019، كانت لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ قد أصدرت المجلد الأول من تقرير الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذي أوضح “أن الحكومة الروسية انخرطت في جهد عدواني متعدد الأوجه في محاولة للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2016” وأضاف أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر ببذل الجهود الروسية لاختراق شبكات الكمبيوتر والحسابات التابعة للحزب الديمقراطي وتسريب معلومات تضر بهيلاري كلينتون وحملتها الرئاسية لموقع ويكليكس”. كما أشار المجلد الثاني من التقرير استنادًا إلى بيانات وسائل التواصل الاجتماعي منذ أكتوبر 2018 إلى أن هناك دلائل تشير إلى جهود روسية تسعى لجمع المعلومات والبيانات للتأثير على مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020″.

في السياق ذاته، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه وفقًا لمسؤولي المخابرات الأمريكية قام العملاء الروس بإذكاء الغضب عبر مجموعات خاصة على فيسبوك بين الأمريكيين من أصل أفريقي، مؤكدين مزاعم عن وحشية الشرطة في الولايات المتحدة، وتسليط الضوء على العنصرية ضد الأمريكيين من أصل أفريقي، والترويج والضغط على مجموعات الكراهية، بما في ذلك الجماعات المتطرفة من البيض والسود، من أجل إثارة الفتنة داخل المجتمع الأمريكي، لتقويض الثقة في العملية الانتخابية.

وهو ما أكده مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “كريستوفر راي” الذي أوضح أن روسيا تُمثل التهديد الأكبر فيما يتعلق بالانتخابات الامريكية، واعتبر أن محاولات روسيا لاختراق انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس التي جرت في عام 2018 كانت بمثابة بروفة للعرض الكبير لما يتوقع حدوثه في عام 2020. 

وكان “وليام إيفانينا” مدير المركز الوطني للأمن ومكافحة التجسس، قد أكد أن مراكز مكافحة التجسس الروسية تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والعديد من الأدوات الأخرى لتأجيج الانقسامات الاجتماعية، وتعزيز نظريات المؤامرة، وتقويض ثقة الناخبين الأمريكيين بالعملية الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية.

التدخل الروسي في انتخابات 2020

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية ظهرت تحذيرات جديدة بشأن استهداف مجموعة من القراصنة الروس لانتخابات 2020، الأمر الذي يشير إلى أن موسكو لا تزال تبحث عن تكرار حملتها الناجحة للتدخل كما حدث في انتخابات عام 2016. وردًا على ما يُثار من تدخلات خارجية في الانتخابات الرئاسية المُقبلة قال “وليم إيفانينا”، “إن روسيا تستخدم عِدة أدوات لتشويه سمعة المرشح الديمقراطي “جو بايدن” الذي دافع عن المعارضة الروسية عندما كان نائبًا للرئيس السابق “باراك أوباما”، وتٌفضل انتصار الرئيس الحالي “دونالد ترامب”.

في أغسطس 2020 حذر مجتمع الاستخبارات الأمريكية وأعضاء في الكونجرس من أن روسيا تستخدم الهجمات السيبرانية ومواقع التواصل الاجتماعي للتدخل في الانتخابات الرئاسية المُقبلة لصالح الرئيس الحالي “دونالد ترامب”. كما استهدفت حملات التضليل المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي مرشحي الحزب الديمقراطي الذين يخوضون الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي لعام 2020. وقد أثار هذا قلقًا كبيرًا بشأن قدرة شركات وسائل التواصل الاجتماعي على التعامل مع المعلومات المُضللة والتلاعب. الأمر الذي دفع شركات مثل فيسبوك وتويتر بحلول أغسطس 2019، لحظر الإعلانات التي تستخدم معلومات مضللة في محاولة للتأثير على تفضيلات الناخبين.

وفي 21 فبراير 2020، وبعد أن أكدت وسائل إعلام أمريكية أن مسؤولي الاستخبارات الوطنية أخبروا المرشح الديمقراطي “بيرني ساندرز” بأن روسيا تتدخل في الانتخابات الأمريكية لمساعدة حملة “ترامب”. أعلن “ساندرز” أن الروس يريدون تقويض الديمقراطية الأمريكية وأنه سيقف بحزم ضد جهودهم وضد أي قوة أخرى تريد التدخل في الانتخابات الأمريكية؛ كما وجه رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يبقى بعيدًا عن الانتخابات الأمريكية.

وفي مارس 2020، نشرت جامعة “ويسكونسن-ماديسون” و “مركز برينان” للعدالة تقريرًا يشير إلى أن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بروسيا تقوم بنشر منشورات على موقع “إنستجرام” تهدف إلى زرع الانقسام بين الناخبين الأمريكيين. 

في 10 سبتمبر 2020، ذكرت وكالة رويترز أن قراصنة روس مدعومين من الدولة حاولوا اختراق الأنظمة في شركة “SKDKnickerbocker” – وهي شركة استشارات سياسية متخصصة في تقديم الاستشارات السياسية وتعمل لصالح الحزب الديمقراطي – ومقرها واشنطن، وهي شركة اتصالات تعمل إلى جانب حملة “بايدن”.  تم لفت انتباه شركة SKDK إلى محاولة القرصنة الفاشلة، والتي جمعت معلومات تفيد بأن المتسللين المرتبطين بالكرملين هم المشتبه بهم الأكثر احتمالاً. ويقال إن الهجمات ركزت بشكل أساسي على “التصيد الاحتيالي” أو ما يٌعرف بـ “الخداع الالكتروني” – وهو نوع من الجرائم الإلكترونية التي تتمثل بقيام المخترقين بانتحال شخصية أو جهة رسمية أو خدمة عملاء لشركة ما أو جهات موثوقة أخرى، من أجل سرقة معلومات المستخدم الشخصية المهمة مثل أسماء المستخدمين وكلمات المرور وتفاصيل بطاقة الائتمان – كانت هذه هي الطريقة التي استخدمها المتسللون الروس للوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني لشركة DNC، قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2016.

في 21 أكتوبر 2019، أعلن “مارك زوكربيرج”، الرئيس التنفيذي لشركةFacebook ، أن شركته قد اكتشفت مجموعة من الحملات “المتطورة للغاية” للتدخل في انتخابات 2020. نشأت هذه الحملات من قبل أشخاص روسيين، باستخدام حسابات مزيفة بهدف التأثير على حملة المرشح الديمقراطي “جو بايدن”.

الإجراءات المُتخذة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية

هناك مؤشرات على أن إدارة “ترامب” تتخذ خطوات لمواجهة محاولات الاختراق تلك. إذ أعلن “ترامب” رفضه قبول أن تتدخل روسيا لصالح حملته، وفي نفس الوقت يروج مستشارو ترامب للحُجة القائلة بأن التهديد الأكبر بالتدخل في الانتخابات لا يأتي من روسيا بل يأتي من الصين التي تعمل على دعم مرشح الحزب الديمقراطي “جو بايدن” في الانتخابات القادمة. وفي هذا الصدد تم اتخذا عدد من التدابير الوقائية منها: 

  • إصدار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قرارًا باستمرار حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بالتدخل الأجنبي الإلكتروني في الانتخابات. يتزامن هذا مع فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الامريكية عقوبات على أفراد مرتبطين بالكرملين لقيامهم بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وشددت واشنطن على أنها لن تتردد في ردع من يحاول التلاعب بنتائج الانتخابات.
  • أصدرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي” بيانًا أكدت فيه أن مجلس النواب اتخذ خطوات فعلية للدفاع عن خدمة البريد في الانتخابات الأمريكية، وأشارت إلى أن “ترامب” يعمل على تقويض خدمة البريد، ما قد يُهدد نزاهة الانتخابات المٌقبلة.
  • تم تشكيل فرق عمل خاصة بأمن الانتخابات قبل انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس لعام 2018 في مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي ووكالة الأمن القومي وتم الاستقرار على أن تُمارس تلك الفرق مُباشرة عملها بشكل دائم.  
Image: Twitter
  • أصدرت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية ضد سبعة روس ينتمون إلى وكالة أبحاث الإنترنت الروسية، وهي (شركة روسية وصفتها المخابرات الأمريكية بأنها “لجان إليكترونية لتوجيه الرأي العام” ذات صلة بالحكومة الروسية).
  • أغلق موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بين يناير ويوليو 2017 أكثر من 7000 حساب زائف يزعم أن مجموعات تجسس أجنبية قد قامت بإنشاء تلك الحسابات.  
  • طورت شركة مايكروسوفت برنامجًا يُسمى “ElectionGuard”، للمساعدة في حماية انتخابات 2020؛ يهدف إلى إنشاء نظام تصويت معزز أمنيًا من خلال تقنيات تشفير جديدة، وسيتيح هذا البرنامج إجراء عمليات تدقيق للانتخابات والسماح لكل الناخبين والمنظمات التي تُشرف على الانتخابات بالتحقق من النتائج. ووفقًا لمايكروسوفت؛ فإن البرنامج لا يهدف إلى استبدال أوراق الاقتراع، ولا يهدف إلى دعم التصويت عبر الإنترنت ولكنها “أداة جديدة لاستخدامها من قبل مجتمع الانتخابات الحالي والكيانات الحكومية التي تدير الانتخابات.

المصدر: المرصد المصري

اظهر المزيد

اترك تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: